قصة رجل صنع الهدوء في عالم كرة الصخب.. الذكرى الأولى لرحيل إيهاب جلال بعد صراع قصير مع المرض.. المدرب الذي علمنا أن الرحيل يمكن أن يكون أبلغ من البقاء.. تفاصيل
بعض الأشخاص لا يحتاجون إلى ضجيج كي يُثبتوا وجودهم، كما لا تحتاج النسمة إلى عاصفة كي تُشعِرَك بأنها مرّت، في مثل هذا اليوم من العام الماضي، خيّم الحزن على الوسط الرياضي المصري، بعد أن أُسدِل الستار على حياة رجلٍ لم يكن من النوع الصاخب أو الباحث عن الأضواء، رحل بهدوء يشبه تمامًا أسلوبه في الملاعب وخارجها، وكأن الحياة اختارت له أن يترجّل كما عاش، بلا صخب، ولكن ترك أثرا كبيرا، رحل إيهاب جلال مدرب الزمالك والإسماعيلي ومنتخب مصر الأسبق.
لم يكن إيهاب جلال مجرد اسم عابر في عالم التدريب؛ بل كان مشروعًا لفكرٍ جديد، ووجهًا مختلفًا عن الصورة النمطية للمدرب المصري، إذ انطلقت شرارته مع مصر المقاصة، الفريق الذي صنع معه واحدة من أنجح القصص في الدوري المصري، لم يكن يملك الأدوات التي يملكها الكبار، لكنه صنع معجزات وتمكن من احتلال وصافة جدول ترتيب الدوري المصري والمشاركة في دوري أبطال أفريقيا، ما دفع الجميع للتساؤل: من هذا الرجل؟ ولماذا يبدو فريقه دائمًا وكأنه يلعب كرة قدم مختلفة؟
حين جاءته فرصة تدريب الزمالك، كان الجميع يترقب، ظن البعض أنه لن يصمد تحت الضغط، لكنه تمسّك بفكره ولم يساوم على قناعاته، ربما لم تكتمل تجربته هناك كما أراد، لكنها كانت كافية لتثبت أن الرجل لا يقبل أن يكون «مدربًا كمالة عدد».
ربما كان حلم قيادة منتخب مصر هو الأسمى في مسيرة إيهاب جلال، لكنه جاء في ظروف لم تكن في صالحه، أيامٌ قليلة، ومباريات صعبة، وإرثٌ ثقيل، ثم جاءت الإقالة سريعًا، دون أن يحصل على الوقت الكافي، ومع ذلك، لم يُعرف عنه أنه اشتكى أو لام أحدًا، فقط اكتفى بالصمت والمضي قدمًا.
في الأشهر الأخيرة من حياته، تراجع ظهوره، بعد خضوعه لـ3 عمليات جراحية للسيطرة على جلطة في المخ، وظل تحت الملاحظة بالرعاية المركزة حتى وفاته، لم يُعرف الكثير عن تفاصيل مرضه، فقد اختار أن يُصارعه في صمت كما واجه كل العواصف في مسيرته، ثم جاء الخبر المفجع: إيهاب جلال رحل سريعًا جدًا، وكأن الحياة اختارته لتكتمل فيه صورة الرجل الذي لم يطلب الكثير، ولم يشكُ يومًا.
ربما لم يحصد البطولات الكبرى، ولم تملأ صوره الصحف كل يوم، لكنه ترك خلفه ما هو أهم: الاحترام من اللاعبين، من زملائه المدربين، من الجماهير، وحتى من منتقديه، كانوا يختلفون معه أحيانًا، لكنهم لم يتوقفوا عن احترامه.
تعليقات الفيسبوك