نتناول عبر التقرير التالي النسخة الرابعة من المونديال، التي أقيمت في البرازيل عام 1950، وشهدت كارثة ماراكانازو التي غيرت هوية المنتخب البرازيلي.
تعد بطولة كأس العالم المسابقة الأقوى والأبرز على الصعيد الدولي في عالم كرة القدم، إذ تنتظر دول العالم المختلفة انطلاق المونديال، لتشجيع منتخباتها، أو الاستمتاع بأفضل اللاعبين، كل 4 سنوات، ومع اقتراب نسخة 2022 من الانطلاق في قطر، يستعرض «الوطن سبورت» تاريخ المونديال في سلسلة رحلة كأس العالم، ونتناول عبر التقرير التالي النسخة الرابعة من المونديال، التي أقيمت في البرازيل عام 1950، وشهدت كارثة ماراكانازو التي غيرت هوية المنتخب البرازيلي، وتناولها الكاتب الأرجنتيني لوثيانو بيرنيكي، في كتابه «أغرب الحكايات في تاريخ المونديال».
شهدت هذه النسخة انسحاب منتخب اسكتلندا بسبب دخوله في أزمة مع بريطانيا العظمى، والمنتخب الفرنسي الذي كان يعاني من أزمة مادية، حرمته من السفر إلى البرازيل للمشاركة في البطولة.
رفض منتخب الهند المشاركة في المونديال، رغم تأهله عن قارة آسيا، بسبب اعتراض «فيفا» على طلبهم بخوض المباريات حفاة كما حدث مع بعض اللاعبين في أولمبياد 1948، إذ تعودوا على اللعب بتلك الطريقة في ملاعب بومباي ونيودلهي، وتحجج المنتخب الهندي بأنه لا يمتلك تكاليف السفر، رغم رد «فيفا» بإمكانية تحمل كل المصاريف.
أطلق اسم كأس جول ريميه على اللقب تكريماً له، وطالبت البرازيل بتأجيل المونديال الذي كان من المقرر إقامته عام 1949، لتأهيل الملاعب وبناء ستاد ماراكانا التاريخي.
سافر منتخب إيطاليا على متن سفينة، لخوف اللاعبين من ركوب طائرة بعد حادث «مأساة السوبيرجا»، التي شهدت تحطم طائرة فريق تورينو عام 1949، وبسبب ذلك أخذوا وقتا أطول في السفر دون الاستعداد، وزادت أوزان اللاعبين، ليصبح الأزوري أول حامل لقب يودع البطولة من الدور الأول بعد الهزيمة أمام السويد والتعادل مع باراجواي.
شهدت بطولة كأس العالم 1950، ظهور الأرقام على القمصان لأول مرة، بالإضافة إلى عزف الأناشيد الوطنية في المرحلة النهائية فقط، والسماح بوجود طبيب ومدلك بجوار المدير الفني.
أقيمت البطولة بنظام جديد، لم يتكرر بعد ذلك، وهو تقسيم المنتخبات إلى 4 مجموعات، يتأهل المتصدر فقط، ثم تخوض المنتخبات المتأهلة دوري من دور واحد، ويفوز المتصدر باللقب.
استخدمت القنابل الصوتية والألعاب النارية لأول مرة في مونديال 1950، لكن هذا الأمر لقى انتقادات من الصحفيين، بسبب إصابة المشجعين، بالإضافة إلى فرانسيسكو أرامبورو (تشيكو) لاعب منتخب البرازيل.
شهدت المباراة الحاسمة بين أوروجواي والبرازيل، بيع أكبر عدد من التذاكر وصل إلى 175 ألف تذكرة، وبلغ عدد الحضور في النهائي نحو 200 ألف مشجع بسبب تسلل البعض بدون تذاكر، وهو الأعلى في تاريخ المونديال.
افتتح فرياسا كاردوسو النتيجة لصالح البرازيل مع بداية الشوط الثاني، لكن الضيوف قلبوا الطاولة بثنائية خوان ألبرتو سيكافينو وألسيديس جيجيا، ليتوج منتخب أوروجواي باللقب.
حصل البرازيلي أديمير على جائزة هداف البطولة، رغم خسارة منتخب بلاده في اللقاء النهائي ضد أوروجواي، بينما سجل ألسيديس في جميع مباريات منتخب أوروجواي، ليصبح أول لاعب ينجح في ذلك مع منتخب بلاده بالمونديال.
توفي 8 أشخاص من أوروجواي بسبب الفرحة الشديدة، بينما أكد أطباء ملعب ماراكانا أنهم اضطروا إلى معالجة 169 شخصا عانوا من مشاكل في القلب، ونقل 6 منهم إلى المستشفى، بينما شهدت البرازيل 100 حالة انتحار في تلك الليلة، وكان المهاجم البرازيلي دانيلو على وشك الانتحار بسبب شعوره بالغم والحزن.
الفنان الموسيقي أري باروسو، كان معلقا في إحدى إذاعات ريو دي جانيرو، على المباراة النهائية، وبعد هدف أوروجواي الثاني قال: «ليس لدي شيء لكم، سوف أذهب إلى تناول القهوة»، ولم يكمل اللقاء.
فلافيو كوستا مدرب أوروجواي اختبأ داخل غرف الملابس في ملعب ماراكانا لمدة يومين، خوفاً من التعرض للأذى على يد الجماهير، حتى هرب مع أحد أقاربه بملابس امرأة.
قيادات أوروجواي طلبوا توزيع ميداليات ذهبية لهم وفضية لللاعبين، الذين أغضبهم هذا الأمر وقالوا إنهم لو كانوا يعلمون ذلك لخسروا عن قصد.
الحارس البرازيلي مواسير باربوسا لم يتخطى فضيحة الـ ماراكانازو، إذ أصبح أكثر رجل تكرهه البلاد، بعدما جرى تحميله مسؤولية الهدف الثاني، الذي سجله ألسيديس في نفس زاوية حارس السامبا.
عاش باربوسا أيامه الأخيرة مهجورا في دار مسنين، وعندما حاول زيارة لاعبي البرازيل قبل مونديال 1994 رفض مسؤولو الاتحاد البرازيلي، وقالوا إنه يجلب الحظ السيئ، وقال قبل وفاته عام 2000: «أكبر عقوبة على جريمة في البرازيل هي الحبس 30 عاما، وأنا تعرضت للعقاب لمدة 50 عاما، على جريمة لم أرتكبها».
أدت الهزيمة لتغيير هوية المنتخب البرازيلي، الذي كان يرتدي الزي الأبيض مع لمسة من الأزرق عند الأكمام والرقبة، وأعلن اتحاد الكرة البرازيلي عام 1953 عن مسابقة لتصميم زي جديد، فاز به ألدير جارسيا الصحفي صاحب الـ 19 عاما، من بين 300 مقترح مختلف.
منتخب البرازيل
وأصبح قميص فيردي أماريلا أو الأخضر والأصفر بين الأشهر في العالم، الذي يرتديه المنتخب البرازيلي حتى الآن، والمفاجأة التي كشف عنها ألدير جارسيا أنه كان يشجع أوروجواي، واحتفل بالفوز بهذه النسخة، بسبب نشأته على الحدود الجنوبية مع تلك الدولة.
تعليقات الفيسبوك