نستطيع القول بأن نجم منتخب فرنسا زين الدين زيدان، رقص السامبا أمام أصحابها في تلك الليلة، وكإنه البرازيلي الوحيد على أرضية الملعب.
دخل زين الدين زيدان، قائد منتخب فرنسا، إلى أرضية ملعب كوميرتسبانك آرينا في مدينة فرانكفورت الألمانية، يوم السبت 1 يوليو عام 2006، ليعزف سيمفونية تاريخية، لن ينساها محبو كرة القدم في أي مكان، حينما تلاعب بأساطير البرازيل، في ربع نهائي كأس العالم، ليعطي نفسه المزيد من الوقت داخل الملعب قبل الاعتزال، ويمنح الجماهير ذكرى خالدة في المونديال.
دخل منتخب فرنسا اللقاء بنتائج متذبذبة في كأس العالم، بعدما احتلوا وصافة المجموعة خلف سويسرا، عقب التعادل في مواجهتين أحدهما ضد كوريا الجنوبية، والفوز فقط ضد توجو، والذي غاب عنه زيدان بسبب الإيقاف، لتظهر بعض المطالبات بإبعاده عن التشكيل الأساسي، قبل تخطي إسبانيا في دور الـ16، بنتيجة 3-1، حيث سجل زيدان هدف ضمان التأهل في الثواني الأخيرة.
وعلى الجانب الآخر، تربع المنتخب البرازيلي على صدارة المجموعة السادسة، بالعلامة الكاملة على حساب أستراليا، اليابان وكرواتيا، قبل التفوق الكاسح أمام غانا بثلاثية نظيفة في دور الـ16، ويدخل السيليساو لقاء ربع النهائي وهم يتسلحون بـ رونالدينيو، رونالدو، روبرتو كارلوس وكافو، بالإضافة لبعض نجومها الشباب مثل روبينيو وكاكا.
لم يحتاج زيدان للكثير من الوقت، لإحكام سيطرته على الملعب، فقط 34 ثانية كانت كافية ليستحوذ على الكرة، ويراوغ زي روبرتو وريكاردو كاكا، قبل أن يواصل استعراض مهاراته ويترك جيلبرتو سيلفا ساقطاً على الأرض خلفه، ورغم أن تمريرته نحو هنري لم تكن متقنة، لكن ما حدث كان كافياً لإثبات أن هذه الليلة ستشهد وجود نجم واحد سيضئ على أرضية الملعب.
زين الدين زيدان الذي أعلن بالفعل عن أن كأس العالم ستكون محطته الأخيرة مع عالم كرة القدم، قرر أن يودعها بشكل مختلف، لا يلعب لإثبات أي شيء، مراوغة تلو الأخرى يترك الجميع يتساقط، دون أن يبذل أي مجهود، تظن أنه لا يتحرك ولكن تراه في كل مكان بنفس الوقت.
لم يسجل زيدان في المباراة، لكن هدف الفوز الوحيد جاء في الدقيقة 57، عندما أطلق زيدان ركلة حرة مباشرة مرت فوق الجميع، لتصل تييري هنري، الذي لم يحتاج سوى لمسة ليسكنها في سقف الشباك، كان ذلك الهدف مميزاً، فهو الوحيد الذي صنعه زيدان لزميله هنري، من بين جميع أهداف «الغزال الفرنسي» الـ 51 مع كتيبة الديوك.
وقال زيدان في حديثه لموقع الفيفا الرسمي عام 2014 عما حدث في هذه المواجهة: «كان هناك سحر في الهواء، في ذلك اليوم على أرض الملعب».
وأكمل: «منتخب البرازيل كان مصدر إلهام لي، في كل مرة نواجههم كنا نشعر بقدرتنا على فعل أي شيء ضدهم، لقد منحوني إعجابهم، لقد حصلت على تقديرهم في الوقت الذي توقعت أن يرموني بالحجارة».
بينما رأي كارلوس ألبرتو بيريرا المدير الفني للمنتخب البرازيلي، أن تلك المباراة هي الأفضل لـ زيدان منذ نهائي كأس العالم عام 1998.
نستطيع القول بأن زيدان رقص السامبا أمام أصحابها في تلك الليلة، وكأنه البرازيلي الوحيد على أرضية الملعب، ربما نهاية المونديال لم تكن كما يمتناها زيدان أمام إيطاليا، لكنه كان بالفعل قد كتب أجمل فصول حكايته مع كرة القدم، وترك للجماهير الذكرى التي يجب أن تبقى في عقولهم عن مسيرة هذا الساحر الفرنسي المذهل.
وكتب الصحفي دومينيك فيفيلد في جريدة الجارديان بعد اللقاء: «كان زين الدين زيدان أول لاعب فرنسي غادر أرضية الملعب، لكن عظمة أدائه سوف تظل محفورة في ذكريات الحاضرين».
نترككم في النهاية لمشاهدة ملخص ما قدمه زيدان في تلك الليلة، وكأنه كان يغرد في الملعب بصوت أم كلثوم، وهي تغني: «دي ليلة حب حلوة بألف ليلة وليلة .. بكل العمر.. هو العمر إيه غير ليلة زي الليلة.
تعليقات الفيسبوك