أخر الأخبار

نجوى مصطفى

نجوى مصطفى

وكسب بيريز الرهان!

كانت الفكرة وقتها واضحة في عقل فلورنتينو بيريز، إذا كان يريد زحزحة فريق الأحلام البرشلوني بقيادة يوهان كرويف ومديره الفني فان جال، عليه استقطاب نجوم من العيار الثقيل، هذا ما أعلن عنه خلال حملته الانتخابية التي توّجته رئيسّا للمرينجي ليبدأ ما عُرف وقتها بـ"الجلاكتيكوس" الإسباني، فتعاقد مع لويس فيجو، ثم زين الدين زيدان، ثم رونالدو الظاهرة، وهكذا تكوّن جيل أحلام مدريدي حسم الكثير من الألقاب حينها وتمكّن من إزاحة البارسا عن عرشها. 

ورغم أن التكلفة كانت باهظة لاستقدام نجوم بثقِل الأسماء السابقة، لكن مع مرور الزمن، ثبت أن عقلية "بيريز" لم تكن داخل المستطيل الأخضر فقط، فبفضل نجومية هذا الجيل الذي انضم إليه ديفيد بيكهام أيضًا، تمكّن ريال مدريد من حصد مليارات الدولارات سواء من بيع قمصان اللاعبين، أو بعوائد الإعلانات التي تضاعفت بمجرد وجود أسماء كتلك داخل الملعب. 

على العموم ذلك زمن ولّى، ولم يكن أغلى لاعب مثل لويس فيجو، يتجاوز ثمنه 62 مليون دولار وقتها، لكن الآن، لم تتضاعف الأرقام فقط، بل صار كل لاعب لديه شركة تديره، وصار الاتفاق يشمل عمولة على كل هدف، ونسبة من أرباح بيع القمصان، بل ومكافأة لكل "بوست" يروّج فيه اللاعب لفريقه، ولأن "فلورنتينو" عقلية إدارية فذّة، أدرك من خلال المتغيرات أن الزمن ليس زمن الـ"الجلاكتيكوس" والأسماء الرنّانة التي قد تجلب له بطولات لكن في الميزانية السنوية سيجد نفسه خاسر، وبالنسبة إليه، أن يقف أمام جماهير الملكي ليخبرهم بالأرباح، أفضل كثيرًا من أن يُفرحهم بالبطولات ويخفي خسائر قادرة أن تستنزف ريال مدريد في السنوات القليلة المقبلة.

رحل كريستيانو، وانتهى عقد مارسيلو، واختار كريم بنزيما الدوري السعودي، واعتزل آخرون، كما قرر زين الدين زيدان البحث عن تحديات جديدة، هكذا كان الحال أمام "بيريز" منذ سنوات قليلة، ليتأكد إنه مُطالب بصناعة "جلاكتيكوس" جديد قادر على جذب البطولات وتعويض الراحلين، لكن "فلورنتينو" لم يراهن تلك المرة على الأسماء الكبيرة، لم يسعى للتعاقد مع نجوم "البالون دور"، أو استقدام من يملكون في خزائنهم كأس وأثنين، بالعكس، بعقلية رجل أعمال مقامر، راهن الرجل على أسماء جديدة بالكلية، لا تملك الخبرة الكافية، لم تتمرس في الملاعب الأوروبية، وكل منهم حلمه أن يحصل على دوري الأبطال أو يكون في رصيده كأس ذهبية واحدة.

بهذا النهج، بدأ الملكي خطته، ففي عام 2017 وقبل أن يُكمل فينيسيوس جونيور عامه السادس عشر، تعاقد ريال مدريد معه بعد تألقه مع ناديه فلامنجو، وذلك مقابل 38 مليون جنيه استرليني، والأمر ذاته تكرر مع اللاعب الفرنسي إدواردو كامافينجا الذي تعاقد معه المرينجي في نفس العام بعد أن تألق مع نادي ستاد رين الفرنسي، ولم يكن اللاعب أكمل وقتها الـ21 عام.

ربما اختلفت صفقة چود بيلينغهام قليلًا عن رفاقه، فاللاعب الإنجليزي استطاع اللعب في أندية مشهورة مثل بوروسيا دورتموند الذي انضم له في يوليو 2020، وتمكّن من أن يكون أصغر لاعب يسجل في تاريخهم، وخلال ثلاث سنوات كانت له بصمته التي دفعت ريال مدريد إلى التعاقد معه مقابل 103 مليون يورو.

بالطبع بجانب هؤلاء الشباب، كان يوجد "حاوي" خط الوسط، وعمدته، لوكا مودريتش الذي يسبق كل هؤلاء في المجهود البدني وفي الأهداف الحاسمة والثبات في اللحظات القلقة، على العموم، تمكّن بيريز من تجميع هؤلاء الشباب الصغِار ولم يكن أكثرهم شهرة إلا لاعب له أهداف جيدة، ولأنه كان يعلم أن تركيبة كتلك تحتاج "حاوي" آخر يسيطر عليهم، تعاقد المرينجي مع المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي في يونيو 2021، ليتولى "الساحر العجوز" مهمة صناعة النجوم.

المثير في الأمر، إنه مع بداية الموسم الماضي، وفشل صفقة انتقال النجم الفرنسي كيليان مبابي إلى الريال، أعلن "أنشيلوتي" ومعه "بيريز" أن هذا الموسم، سيكون موسم انتقالي، وببساطة فهذا طلب من الجماهير أن لا تطالب الملكي بأي بطولة، لكن هل كان يقصد "بيريز" هذا أم كان يرفع الحرج عن اللاعبين الشباب.

الحقيقة أني أميل للرأي الأخير، لقد رفع الحرج عن اللاعبين الشباب، ومع مدرب مثل "أنشيلوتي" الذي انزعج لأن وصوله لنهائي دوري أبطال أوروبا يعني حرمانه من أسبوع إجازة، أدرك "بيريز" أنه لن تكون هناك أي ضغوط ما سيمنح الشباب الحرية أكثر، وهذا بالفعل ما تحقق، فالدوري الإسباني كان من نصيب الريال، وكذلك دوري أبطال أوروبا، أما حاملي راية الميرنجي الجدّد مثل فينيسيوس چونيور فبات على أعتاب أول بالون دور له، وأضحى "كارلو" مدرب تاريخي لن يضاهيه أحد في المستقبل القريب، أما "فلورنتينو"، فأثبت إنه اللاعب رقم واحد دائمًا داخل النادي الملكي.

استطلاع رأى